الجار هو القريب منك في المنزل ، وله حق كبير عليك ، فإن كان قريباً منك في النسب وهو مسلم فله ثلاثة حقوق : حق الجوار ، وحق القرابة ، وحق الإسلام ، وإن كان مسلماً وليس بقريب في النسب فله حقان : حق الجوار ، وحق الإسلام ، وكذلك إن كان قريباً وليس مسلم فله حقان : حق الجوار ، وحق القرابة وإن كان بعيداً غير مسلم فله حق واحد : حق الجوار
لحديث رواه أبو بكر البزار بسنده عن الحسن عن جابر بن عبد الله ذكره عن ابن كثير في تفسيره للآية 36 سورة النساء .
قال تعالى : وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ .
سورة النساء الآية 36 .
40
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : وما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه متفق عليه .
فمن حقوق الجار على جاره : أن يحسن إليه بما استطاع من المال والجاه والنفع ، فقد قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : خير الجيران عند اللّه خيرهم لجاره
رواه الترمذي , وقال : : حديث حسن غريب
وقال : من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فليحسن إلى جاره
رواه مسلم
وقال أيضاً : إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك
رواه مسلم
ومن الإحسان إلى الجار تقديم الهدايا إليه في المناسبات ، فإن الهدية تجلب المودة وتزيل العداوة .
ومن حقوق الجار على جاره : أن يكفّ عنه الأذى القولي
41
والفعلي ، فقد قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : واللّه لا يؤمن واللّه لا يؤمن واللّه لا يؤمن . قالوا : من يا رسول اللّه ؟ قال : الذي لا يأمن جاره بوائقه
رواه البخاري
وفي رواية : لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه والبوائق : الشرور ، فمن لا يأمن جاره شره فليس بمؤمن ولا يدخل الجنة .
وكثير من الناس الآن لا يهتمون بحق الجوار ، ولا يأمن جيرانهم من شرورهم ، فتراهم دائماً في نزاع معهم وشقاق واعتداء على الحقوق ، وإيذاء بالقول أو بالفعل ، وكل هذا مخالف لما أمر اللّه ورسوله ، وموجب لتفكك المسلمين وتباعد قلوبهم ، وإسقاط بعضهم حرمة بعض . لم تكن الوصية الخالدة التي اوصى بها جبريل عليه السلام نبينا صلى الله عليه وسلم بالجار وصية كباقي الوصايا، بل زادت أهميتها بتلك الصيغة التي بالغ فيها المصطفى صلى الله عليه وسلم بقوله حتى ظننت أنه سيورثه . وإن المتأمل في أحوال الجيران في هذه الأزمنة إلا من رحم الله ليجد البون الشاسع بين حالهم وحال الجيران في السابق من تكاتف وتكافل ومحبة ووئام. ولكن يا ترى، ماذا لو سمع الواحد منا بعض القصص المفزعة عن علاقات بعض الجيران مع بعضهما البعض من شحناء وبغضاء وتناحر وعدم ألفة، بل إن البعض من الجيران يسكن داره الجديدة ويخرج منها ولا يعرف جاره الذي بجانبه! مواقف مع الجيران أخي القارئ نتركك قليلاً مع بعض الجيران ليتحدثوا وينتقدوا ذلك الوضع المؤلم فإلى ثنايا هذه المقابلات: في البداية تحدث الأخ (أ,ي) وقد وجدته جاء شاكياً لمركز الهيئة عن جار له وقد تأذى منه قائلاً: لقد سكنت في هذا البيت الجديد قبل ما يقارب من ستة أشهر وتفاجأت بجار هداه الله يتعاطى المخدرات باستمرار ويتجمع عنده جمع من المدمنين، وقد حصل ان داهم رجال مكافحة المخدرات عمارتنا بالأمس وقبضوا على سبعة منهم وهرب ثلاثة، والغريب في الأمر أنني تفاجأت بأن هذا الرجل وهو جاري موجود في بيته وهو من ضمن الهاربين وهو يشكل خطراً على الجيران في العمارة. بعد ذلك تحدث الأخ فهد بن سعود بن فهد صاحب مكتب عقار قائلاً: إن مما يواجهنا ويحرجنا دائما كأصحاب مكتب العقار ذلك المستأجر السيئ في أخلاقه ودينه والذي تتوالى الشكاوي تباعاً علينا مطالبة بإخراجه من الحي، حيث نؤجر لبعض الناس ونتفاجأ بأذيته للجيران وكثرة مشاكله، والأمر المؤسف من بعض أصحاب مكاتب العقار هو عدم أمانتهم وذلك بتأجيرهم للعزاب بجانب العوائل مما يحدث معه مشاكل كثيرة. أما الأخ محمد القاسم فقد تحدث عن سبب تهرب كثير من الجيران عن التعرف على جيرانهم وهو خوفهم من المصالح الدنيوية، فبعضهم يكون صاحب ثراء فلا يريد ان يدخل مع أحد حتى لا يحرجه بالطلب والاستدانة، وبعضهم يكون صاحب مركز اجتماعي فيتهرب من الدخول مع جيرانه لهذه الأسباب، وأما الجيران العاديون فتختلف أسبابهم ولعل من أبرزها عدم معرفة حقوق الجار التي حث عليها الإسلام. حقوق الجيران الرسالة حملت هذه القضية وتوجهت صوب الشيخ إبراهيم بن محمد الفارس رئيس هيئة المجمعة الذي استدل بقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: وبالوالدين إحساناً وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب وبقول النبي عليه الصلاة والسلام ما زال جبريل، يوصيني بالجار حتى ظننت انه سيورثه متفق عليه, ففي هذه الآية وفي هذا الحديث وغيرهما من الآيات والأحاديث تبين حق الجار على جاره وأنه حق نفيس يجب أن يعتنى به، ولذلك فإن العرب في الجاهلية والإسلام يحمون حق الجار ويتفاخرون بحسن الجوار، وقد قيل :على قدر الجار يكون ثمن الدار ، والإسلام يأمر بحسن المجاورة مع كل إنسان، وشر الناس من تركه الناس اتقاء لشره، وأسوأ الجيران من يتتبع العثرات، ويتطلع إلى العورات في سره وجهره، وليس بمأمون على دين ولا نفس ولا أهل ولا مال, ويضيف فضيلته ان المسلم يعترف بما للجار على جاره من حقوق وآداب، يجب على كل من المتجاورين بذلها لجاره وإعطاؤها له كاملة، منها عدم أذيته بقول أو فعل منه أو من أولاده أو من أهله، وفيها الإحسان إليه، وذلك بأن ينصره إذا استنصره، ويعينه إذا استغاثه، ويعوده إذا مرض ويهنئه إذا فرح ويعزيه إذا أصيب، ويساعده إذا احتاج، يبدؤه بالسلام، ويلين له الكلام، يأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر، يراعي جانبه ويحمي حماه، ويصفح عن زلاته ويصبر على أذاه، وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: من حق الجار أن تبسط إليه معروفك وتكف عنه أذاك ويقول الحسن البصري رحمه الله ليس حسن الجوار كف الأذى، حسن الجوار الصبر على الأذى وأكد الشيخ الفارس أن من يتجاوز عن أخطاء جاره ويتغاضى عن هفواته ويتلقى كثيراً من إساءته بالصفح والحلم ويحلم على من جهل عليه ويحسن إلى من أساء إليه ويعفو عمن ظلمه لا ريب أنه يكون في أعلى مراتب الكرامة، وفي أرفع منازل السعادة فلقد روى الحاكم عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ياعقبة: ألا أخبرك بأفضل أخلاق أهل الدنيا والآخرة؟ تصل من قطعك، وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك . ويستطرد فضيلته بقوله: ومما لا شك فيه ان قيام الجار بحقوق جاره له آثار طيبة في المجتمع ومظهر اجتماعي يبشر بالخير، فيه تتآلف القلوب وتتقارب النفوس ويكون المسلمون مثل الجسد الواحد يتعاونون على الخير ويفعلونه، ويتناهون عن الشر ويحذرونه ويتناصحون فيما بينهم يحب كل واحد لأخيه ما يحبه لنفسه وهذا من كمال الإيمان الذي حث عليه ديننا. التسابق في مضمار الماديات أما الشيخ عبدالله بن عثمان العبد الله رئيس مركز هيئة جلاجل المكلف فقد أوضح أسباب تدهور أحوال بعض الجيران مع بعضهما البعض والتي منها: 1- ضعف الوازع الديني ونبذ تعاليم الدين وهجر السنة النبوية ووأد عادات الصالحين من سلف الأمة: فلا الإسلام يحارب الألفة ولا المصطفى صلى الله عليه وسلم يأنف الأخوة مع صحابته بل كان صلى الله عليه وسلم يدعو إلى التكافل الاجتماعي ويحث الجار على مراعاة جيرانه وقد ضرب أروع الأمثلة في ذلك فكان يحسن لجاره اليهودي، ولكننا وللاسف هجرنا منه وقتلنا كل سلوك حسن كان صلى الله عليه وسلم يسلكه مع جيرانه، والكثير من الجيران لا يؤدي حق جاره في المناصحة وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر إذا رأى منه تقصيراً أو تركاً لفعل الواجبات أو الطاعات أو ارتكاب للمنكرات وهذا فيه ضرر عظيم وفيه تعطيل لجانب من جوانب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتواصي بالحق. 2- الجهل بحقوق الجيران: وحقوق الجار على وجه التفصيل كثيرة جداً منها: أ- كف الأذى فالأذى بغير حق محرم وأذية الجار أشد تحريماً. ب- حماية الجار سواء كان ذلك في عرضه أو بدنه أو ماله أو نحو ذلك. ج- الإحسان إلى الجار بالقول أو الفعل فمن الإحسان إلى الجار تعزيته عند المصيبة وتهنئته عند الفرح وعيادته عند المرض ومبادرته بالسلام وطلاقة الوجه عند لقائه. د- احتمال أذى الجار فمن الناس من لا يصبر على أدنى هفوة تصدر من جاره فلا يتغاضى ولا يتغافل قال تعالى:خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين وهذا في حق الناس فكيف بالجار! 3- التسابق في مضمار الماديات فنسي المرء أهله ومن تناسى أهله فجاره بالقطيعة أولى عنده من الرحم. 4- تغير معايير المودة بين الناس فلم تعد الأخوة في الدين هي المعيار وإنما الثراء المادي والمكانة والمنصب هي أساس العلاقات الاجتماعية. 5- تعقد كثير من أمور الحياة وكثرة الملهيات ووسائل الإعلام وما يعرض في بعض وسائل الإعلام مما يقسّي القلوب ويهدم كيان المجتمع المسلم المتماسك. 6- عدم الشجاعة الاجتماعية في التعرف على الجيران. 7- التوسع العمراني وتباعد المساكن. دور إمام المسجد وحول دور إمام المسجد المهم في حيه ومدى تأثيره على جيران المسجد وربط القلوب مع بعضها البعض يتحدث الشيخ خالد بن محمد الدمجان إمام وخطيب جامع وزير العدل قائلاً: الإمامة في الصلاة من أولى الوظائف الدينية التي عرفتها الدولة الإسلامية وأجلها قدراً وأكثرها نفعاً، مارسها النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه، واختار لها من بعده أفضل الصحابة أبا بكر رضي الله عنه وهي من وظائف الدعوة إلى الله، فإن كتاب الدعوة الأول لهذه الأمة القرآن الكريم، والإمام هو الذي يسمعه جماعته في الصلاة، وإمام المسجد داعية إلى الله تعالى بعلمه، فهو قدوة جماعته فبعلمه يقتدون وبعلمه يهتدون، لأنهم يرون انه أقرؤهم لكتاب الله وأعلمهم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولذلك قدم عليهم في الإمامة، كما يرون أنه أبعد الناس عن براثن المعاصي لعلمه بها وخوفه على نفسه منها، ومن كان هذا عمله وهذه وظيفته فإنه لزاماً عليه أن يقوم بأعبائها على أكمل وجه وأتمه وان يراقب الله تعالى في علانيته وسره وأن يعلم انه ليس المقصود من الإمام أداء الصلوات فحسب وينتهي دور الإمام بذلك لا، بل عليه مسؤولية عظمى وأمانة كبرى لابد أن يحقق أهدافها السامية ليرضي ربه ويبرئ ذمته امام خالقه سبحانه, وأما عن تلك الأهداف السامية فيشير الدمجان إلى : 1- تفقد الجيران المتخلفين عن الصلاة وزيارتهم في بيوتهم ونصحهم وتوجيههم بالكلمة الحانية والوسائل الممكنة من الكتيبات والمطويات والأشرطة النافعة. 2- معالجة المنكرات الظاهرة مثل الأطباق الفضائية (الدش) ومظاهر الانحراف لدى بعض الشباب والفتيات وكذلك الربا، حلق اللحى، إسبال الثياب، شرب الدخان وتعاطي المخدرات وذلك من خلال (الكلمات، الفتاوى، ونشر الأشرطة، والملصقات,,). 3- إقامة دورية بين جماعة المسجد لإقامة الألفة بينهم والمودة والتناصح والتعاون على البر والتقوى ومناقشة أوضاع ومشاكل الحي وطرحها وإيجاد الحلول الناجعة لها. 4- القراءة على المصلين بعد صلاة العصر وقبل صلاة العشاء والاهتمام بالكتاب المقروء وتنويع مواضيعه وشموليتها ومحاولة اغتنام الفرص في الإرشاد والتوجيه بين حين وآخر. 5- إقامة حلقة لتحفيظ القرآن الكريم للصغار والكبار مع مراعاة الأوقاف المتاحة للمرحلتين ووضع جدول مناسب وبرنامج للطلاب المتميزين. 6- العناية بفئة الشباب واستصلاحهم وتوظيف طاقاتهم بإشراكهم في تنفيذ بعض البرامج وتعويدهم عليها. 7- وضع صندوق في المسجد خاص بأسئلة المصلين ويجاب عليها في وقت محدد بعد صلاة معينة في يوم معين. 8- تنظيم مسابقة في حفظ بعض سور القرآن الكريم وبعض الأذكار النبوية أو تكون مسابقة ورقية تتضمن أسئلة في العلوم الشرعية ويتناسب مستواها مع جماعة المسجد ويقام حفل مصغر على مستوى الجماعة ويكرم من خلاله الفائزون في هذه المسابقة. 9- تنظيم مسابقة خاصة بالنساء في البيوت وتكون ورقية وحبذا لو تضمنت الأسئلة أحكام الحيض والنفاس والعدة والحداد والطلاق وغيرها ويقام حفل تكريم المتفوقات في إحدى مدارس التحفيظ النسائية الموجودة في الحي بالتنسيق مع إدارتها. 10- استضافة بعض العلماء والدعاة وطلبة العلم لإلقاء الكلمات والمحاضرات والدروس في الأوقات المناسبة. 11- استضافة رئيس مركز الهيئة في الحي ومحاورته امام جماعة المسجد لإقناعهم بدور الهيئة واجتهادهم في حفظ المجتمع من الشرور والآفات واستعراض بعض القضايا المهمة التي ضبطت والمناشط الدعوية التي أقيمت في المركز لإبراز دور هيئة الحي امام الجيران. 12- الاهتمام بلوحة الإعلانات وتغطيتها بالفتاوى الشرعية والمقالات العلمية وتعليق بعض الإجابة على أسئلة المصلين وتكون هذه اللوحة تحت إشراف إمام المسجد. 13- إصدار نشرة شهرية خاصة بالمسجد توزع على المصلين في نهاية كل شهر أو شهرين وتعنى بالموضوعات التي تناسبهم. 14- الاجتماع في يومي العيد للسلام والتهنئة بين جماعة المسجد وأهل الحي. 15- استضافة بعض المسلمين الجدد في المسجد وإشهار إسلامهم أمام الجماعة لتعم الفرحة بهم. 16- إقامة دروس للسائقين الخاصين في الحي بلغاتهم والتنسيق مع المكتب التعاوني في الحي ليمدهم بالدعاة المتخصصين. جزاك الله خيراً يا أبا عمر على تحقيقاتك المهمة وأطروحاتك الرائعة
لحديث رواه أبو بكر البزار بسنده عن الحسن عن جابر بن عبد الله ذكره عن ابن كثير في تفسيره للآية 36 سورة النساء .
قال تعالى : وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ .
سورة النساء الآية 36 .
40
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : وما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه متفق عليه .
فمن حقوق الجار على جاره : أن يحسن إليه بما استطاع من المال والجاه والنفع ، فقد قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : خير الجيران عند اللّه خيرهم لجاره
رواه الترمذي , وقال : : حديث حسن غريب
وقال : من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فليحسن إلى جاره
رواه مسلم
وقال أيضاً : إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك
رواه مسلم
ومن الإحسان إلى الجار تقديم الهدايا إليه في المناسبات ، فإن الهدية تجلب المودة وتزيل العداوة .
ومن حقوق الجار على جاره : أن يكفّ عنه الأذى القولي
41
والفعلي ، فقد قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : واللّه لا يؤمن واللّه لا يؤمن واللّه لا يؤمن . قالوا : من يا رسول اللّه ؟ قال : الذي لا يأمن جاره بوائقه
رواه البخاري
وفي رواية : لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه والبوائق : الشرور ، فمن لا يأمن جاره شره فليس بمؤمن ولا يدخل الجنة .
وكثير من الناس الآن لا يهتمون بحق الجوار ، ولا يأمن جيرانهم من شرورهم ، فتراهم دائماً في نزاع معهم وشقاق واعتداء على الحقوق ، وإيذاء بالقول أو بالفعل ، وكل هذا مخالف لما أمر اللّه ورسوله ، وموجب لتفكك المسلمين وتباعد قلوبهم ، وإسقاط بعضهم حرمة بعض . لم تكن الوصية الخالدة التي اوصى بها جبريل عليه السلام نبينا صلى الله عليه وسلم بالجار وصية كباقي الوصايا، بل زادت أهميتها بتلك الصيغة التي بالغ فيها المصطفى صلى الله عليه وسلم بقوله حتى ظننت أنه سيورثه . وإن المتأمل في أحوال الجيران في هذه الأزمنة إلا من رحم الله ليجد البون الشاسع بين حالهم وحال الجيران في السابق من تكاتف وتكافل ومحبة ووئام. ولكن يا ترى، ماذا لو سمع الواحد منا بعض القصص المفزعة عن علاقات بعض الجيران مع بعضهما البعض من شحناء وبغضاء وتناحر وعدم ألفة، بل إن البعض من الجيران يسكن داره الجديدة ويخرج منها ولا يعرف جاره الذي بجانبه! مواقف مع الجيران أخي القارئ نتركك قليلاً مع بعض الجيران ليتحدثوا وينتقدوا ذلك الوضع المؤلم فإلى ثنايا هذه المقابلات: في البداية تحدث الأخ (أ,ي) وقد وجدته جاء شاكياً لمركز الهيئة عن جار له وقد تأذى منه قائلاً: لقد سكنت في هذا البيت الجديد قبل ما يقارب من ستة أشهر وتفاجأت بجار هداه الله يتعاطى المخدرات باستمرار ويتجمع عنده جمع من المدمنين، وقد حصل ان داهم رجال مكافحة المخدرات عمارتنا بالأمس وقبضوا على سبعة منهم وهرب ثلاثة، والغريب في الأمر أنني تفاجأت بأن هذا الرجل وهو جاري موجود في بيته وهو من ضمن الهاربين وهو يشكل خطراً على الجيران في العمارة. بعد ذلك تحدث الأخ فهد بن سعود بن فهد صاحب مكتب عقار قائلاً: إن مما يواجهنا ويحرجنا دائما كأصحاب مكتب العقار ذلك المستأجر السيئ في أخلاقه ودينه والذي تتوالى الشكاوي تباعاً علينا مطالبة بإخراجه من الحي، حيث نؤجر لبعض الناس ونتفاجأ بأذيته للجيران وكثرة مشاكله، والأمر المؤسف من بعض أصحاب مكاتب العقار هو عدم أمانتهم وذلك بتأجيرهم للعزاب بجانب العوائل مما يحدث معه مشاكل كثيرة. أما الأخ محمد القاسم فقد تحدث عن سبب تهرب كثير من الجيران عن التعرف على جيرانهم وهو خوفهم من المصالح الدنيوية، فبعضهم يكون صاحب ثراء فلا يريد ان يدخل مع أحد حتى لا يحرجه بالطلب والاستدانة، وبعضهم يكون صاحب مركز اجتماعي فيتهرب من الدخول مع جيرانه لهذه الأسباب، وأما الجيران العاديون فتختلف أسبابهم ولعل من أبرزها عدم معرفة حقوق الجار التي حث عليها الإسلام. حقوق الجيران الرسالة حملت هذه القضية وتوجهت صوب الشيخ إبراهيم بن محمد الفارس رئيس هيئة المجمعة الذي استدل بقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: وبالوالدين إحساناً وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب وبقول النبي عليه الصلاة والسلام ما زال جبريل، يوصيني بالجار حتى ظننت انه سيورثه متفق عليه, ففي هذه الآية وفي هذا الحديث وغيرهما من الآيات والأحاديث تبين حق الجار على جاره وأنه حق نفيس يجب أن يعتنى به، ولذلك فإن العرب في الجاهلية والإسلام يحمون حق الجار ويتفاخرون بحسن الجوار، وقد قيل :على قدر الجار يكون ثمن الدار ، والإسلام يأمر بحسن المجاورة مع كل إنسان، وشر الناس من تركه الناس اتقاء لشره، وأسوأ الجيران من يتتبع العثرات، ويتطلع إلى العورات في سره وجهره، وليس بمأمون على دين ولا نفس ولا أهل ولا مال, ويضيف فضيلته ان المسلم يعترف بما للجار على جاره من حقوق وآداب، يجب على كل من المتجاورين بذلها لجاره وإعطاؤها له كاملة، منها عدم أذيته بقول أو فعل منه أو من أولاده أو من أهله، وفيها الإحسان إليه، وذلك بأن ينصره إذا استنصره، ويعينه إذا استغاثه، ويعوده إذا مرض ويهنئه إذا فرح ويعزيه إذا أصيب، ويساعده إذا احتاج، يبدؤه بالسلام، ويلين له الكلام، يأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر، يراعي جانبه ويحمي حماه، ويصفح عن زلاته ويصبر على أذاه، وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: من حق الجار أن تبسط إليه معروفك وتكف عنه أذاك ويقول الحسن البصري رحمه الله ليس حسن الجوار كف الأذى، حسن الجوار الصبر على الأذى وأكد الشيخ الفارس أن من يتجاوز عن أخطاء جاره ويتغاضى عن هفواته ويتلقى كثيراً من إساءته بالصفح والحلم ويحلم على من جهل عليه ويحسن إلى من أساء إليه ويعفو عمن ظلمه لا ريب أنه يكون في أعلى مراتب الكرامة، وفي أرفع منازل السعادة فلقد روى الحاكم عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ياعقبة: ألا أخبرك بأفضل أخلاق أهل الدنيا والآخرة؟ تصل من قطعك، وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك . ويستطرد فضيلته بقوله: ومما لا شك فيه ان قيام الجار بحقوق جاره له آثار طيبة في المجتمع ومظهر اجتماعي يبشر بالخير، فيه تتآلف القلوب وتتقارب النفوس ويكون المسلمون مثل الجسد الواحد يتعاونون على الخير ويفعلونه، ويتناهون عن الشر ويحذرونه ويتناصحون فيما بينهم يحب كل واحد لأخيه ما يحبه لنفسه وهذا من كمال الإيمان الذي حث عليه ديننا. التسابق في مضمار الماديات أما الشيخ عبدالله بن عثمان العبد الله رئيس مركز هيئة جلاجل المكلف فقد أوضح أسباب تدهور أحوال بعض الجيران مع بعضهما البعض والتي منها: 1- ضعف الوازع الديني ونبذ تعاليم الدين وهجر السنة النبوية ووأد عادات الصالحين من سلف الأمة: فلا الإسلام يحارب الألفة ولا المصطفى صلى الله عليه وسلم يأنف الأخوة مع صحابته بل كان صلى الله عليه وسلم يدعو إلى التكافل الاجتماعي ويحث الجار على مراعاة جيرانه وقد ضرب أروع الأمثلة في ذلك فكان يحسن لجاره اليهودي، ولكننا وللاسف هجرنا منه وقتلنا كل سلوك حسن كان صلى الله عليه وسلم يسلكه مع جيرانه، والكثير من الجيران لا يؤدي حق جاره في المناصحة وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر إذا رأى منه تقصيراً أو تركاً لفعل الواجبات أو الطاعات أو ارتكاب للمنكرات وهذا فيه ضرر عظيم وفيه تعطيل لجانب من جوانب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتواصي بالحق. 2- الجهل بحقوق الجيران: وحقوق الجار على وجه التفصيل كثيرة جداً منها: أ- كف الأذى فالأذى بغير حق محرم وأذية الجار أشد تحريماً. ب- حماية الجار سواء كان ذلك في عرضه أو بدنه أو ماله أو نحو ذلك. ج- الإحسان إلى الجار بالقول أو الفعل فمن الإحسان إلى الجار تعزيته عند المصيبة وتهنئته عند الفرح وعيادته عند المرض ومبادرته بالسلام وطلاقة الوجه عند لقائه. د- احتمال أذى الجار فمن الناس من لا يصبر على أدنى هفوة تصدر من جاره فلا يتغاضى ولا يتغافل قال تعالى:خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين وهذا في حق الناس فكيف بالجار! 3- التسابق في مضمار الماديات فنسي المرء أهله ومن تناسى أهله فجاره بالقطيعة أولى عنده من الرحم. 4- تغير معايير المودة بين الناس فلم تعد الأخوة في الدين هي المعيار وإنما الثراء المادي والمكانة والمنصب هي أساس العلاقات الاجتماعية. 5- تعقد كثير من أمور الحياة وكثرة الملهيات ووسائل الإعلام وما يعرض في بعض وسائل الإعلام مما يقسّي القلوب ويهدم كيان المجتمع المسلم المتماسك. 6- عدم الشجاعة الاجتماعية في التعرف على الجيران. 7- التوسع العمراني وتباعد المساكن. دور إمام المسجد وحول دور إمام المسجد المهم في حيه ومدى تأثيره على جيران المسجد وربط القلوب مع بعضها البعض يتحدث الشيخ خالد بن محمد الدمجان إمام وخطيب جامع وزير العدل قائلاً: الإمامة في الصلاة من أولى الوظائف الدينية التي عرفتها الدولة الإسلامية وأجلها قدراً وأكثرها نفعاً، مارسها النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه، واختار لها من بعده أفضل الصحابة أبا بكر رضي الله عنه وهي من وظائف الدعوة إلى الله، فإن كتاب الدعوة الأول لهذه الأمة القرآن الكريم، والإمام هو الذي يسمعه جماعته في الصلاة، وإمام المسجد داعية إلى الله تعالى بعلمه، فهو قدوة جماعته فبعلمه يقتدون وبعلمه يهتدون، لأنهم يرون انه أقرؤهم لكتاب الله وأعلمهم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولذلك قدم عليهم في الإمامة، كما يرون أنه أبعد الناس عن براثن المعاصي لعلمه بها وخوفه على نفسه منها، ومن كان هذا عمله وهذه وظيفته فإنه لزاماً عليه أن يقوم بأعبائها على أكمل وجه وأتمه وان يراقب الله تعالى في علانيته وسره وأن يعلم انه ليس المقصود من الإمام أداء الصلوات فحسب وينتهي دور الإمام بذلك لا، بل عليه مسؤولية عظمى وأمانة كبرى لابد أن يحقق أهدافها السامية ليرضي ربه ويبرئ ذمته امام خالقه سبحانه, وأما عن تلك الأهداف السامية فيشير الدمجان إلى : 1- تفقد الجيران المتخلفين عن الصلاة وزيارتهم في بيوتهم ونصحهم وتوجيههم بالكلمة الحانية والوسائل الممكنة من الكتيبات والمطويات والأشرطة النافعة. 2- معالجة المنكرات الظاهرة مثل الأطباق الفضائية (الدش) ومظاهر الانحراف لدى بعض الشباب والفتيات وكذلك الربا، حلق اللحى، إسبال الثياب، شرب الدخان وتعاطي المخدرات وذلك من خلال (الكلمات، الفتاوى، ونشر الأشرطة، والملصقات,,). 3- إقامة دورية بين جماعة المسجد لإقامة الألفة بينهم والمودة والتناصح والتعاون على البر والتقوى ومناقشة أوضاع ومشاكل الحي وطرحها وإيجاد الحلول الناجعة لها. 4- القراءة على المصلين بعد صلاة العصر وقبل صلاة العشاء والاهتمام بالكتاب المقروء وتنويع مواضيعه وشموليتها ومحاولة اغتنام الفرص في الإرشاد والتوجيه بين حين وآخر. 5- إقامة حلقة لتحفيظ القرآن الكريم للصغار والكبار مع مراعاة الأوقاف المتاحة للمرحلتين ووضع جدول مناسب وبرنامج للطلاب المتميزين. 6- العناية بفئة الشباب واستصلاحهم وتوظيف طاقاتهم بإشراكهم في تنفيذ بعض البرامج وتعويدهم عليها. 7- وضع صندوق في المسجد خاص بأسئلة المصلين ويجاب عليها في وقت محدد بعد صلاة معينة في يوم معين. 8- تنظيم مسابقة في حفظ بعض سور القرآن الكريم وبعض الأذكار النبوية أو تكون مسابقة ورقية تتضمن أسئلة في العلوم الشرعية ويتناسب مستواها مع جماعة المسجد ويقام حفل مصغر على مستوى الجماعة ويكرم من خلاله الفائزون في هذه المسابقة. 9- تنظيم مسابقة خاصة بالنساء في البيوت وتكون ورقية وحبذا لو تضمنت الأسئلة أحكام الحيض والنفاس والعدة والحداد والطلاق وغيرها ويقام حفل تكريم المتفوقات في إحدى مدارس التحفيظ النسائية الموجودة في الحي بالتنسيق مع إدارتها. 10- استضافة بعض العلماء والدعاة وطلبة العلم لإلقاء الكلمات والمحاضرات والدروس في الأوقات المناسبة. 11- استضافة رئيس مركز الهيئة في الحي ومحاورته امام جماعة المسجد لإقناعهم بدور الهيئة واجتهادهم في حفظ المجتمع من الشرور والآفات واستعراض بعض القضايا المهمة التي ضبطت والمناشط الدعوية التي أقيمت في المركز لإبراز دور هيئة الحي امام الجيران. 12- الاهتمام بلوحة الإعلانات وتغطيتها بالفتاوى الشرعية والمقالات العلمية وتعليق بعض الإجابة على أسئلة المصلين وتكون هذه اللوحة تحت إشراف إمام المسجد. 13- إصدار نشرة شهرية خاصة بالمسجد توزع على المصلين في نهاية كل شهر أو شهرين وتعنى بالموضوعات التي تناسبهم. 14- الاجتماع في يومي العيد للسلام والتهنئة بين جماعة المسجد وأهل الحي. 15- استضافة بعض المسلمين الجدد في المسجد وإشهار إسلامهم أمام الجماعة لتعم الفرحة بهم. 16- إقامة دروس للسائقين الخاصين في الحي بلغاتهم والتنسيق مع المكتب التعاوني في الحي ليمدهم بالدعاة المتخصصين. جزاك الله خيراً يا أبا عمر على تحقيقاتك المهمة وأطروحاتك الرائعة
2 التعليقات:
ما شاء الله
كم اثلج صدري هذا الموضوع
من اول ما اتكلم عن الجيرة وانا عارف انه ممتاز
للاسف آخر موضوع عن الجار سمعته كان خطبة في 2003 وقبلها في الابتدائي
الله يرحم
بجد
لنا الله
هلا والله انا مو الجير دي مهيم جدا ختار لي انو تحدث فيه لان عدنا واحدها هي تعرف خق الجير كويس ولاتلو شخص انت زورتني ولا بتقول انا مش عايزه تدخل النار عشان خق الجير لم ماما تكون مسافر تزرونا بقول لها ليش تعب حالك بتقول اول مايوضع الاحد في القبر بيسألو كيف خالك مع جارك انا شفت انو خق الجير خلاص بدات تلاش قالت اذكر ناس بيها
إرسال تعليق