القصة الاولى:توبة شرطيانإن في بذل العلماء والدعاة والمصلحين أنفسهم في سبيل الله حياة للناس ، إذا علموا صدقهم ؛ وإخلاصهم لله عز وجل . ومن هؤلاء الدعاة والمفكرين.. " سيد قطب " رحمه الله ، فقد كان لمقتله أثر بالغ في نفوس من عرفوه وعلموا صدقه ، ومنهم اثنان من الجنود الذين كلفوا بحراسته وحضروا إعدامه . يروي أحدهما القصة فيقول : هناك أشياء لم نكن نتصورها هي التي أدخلت التغيير الكلي على حياتنا.. في السجن الحربي كنا نستقبل كل ليلة أفرادا أو جماعات من الشيوخ والشبان والنساء ، ويقال لنا : هؤلاء من الخونة الذين يتعاونون مع اليهود ولابد من استخلاص أسرارهم ، ولا سبيل إلى ذلك إلا بأشد العذاب ، وكان ذلك كافيا لتمزيق لحومهم بأنواع السياط والعصي ، كنا نفعل ذلك ونحن موقنون أننا نؤدي واجبا مقدسا ، إلا أننا ما لبثنا أن وجدنا أنفسنا أمام أشياء لم نستطع لها تفسيرا ، لقد رأينا هؤلاء " الخونة " مواظبين على الصلاة أثناء الليل وتكاد ألسنتهم لا تفتر عن ذكر الله ، حتى عند البلاء ! بل إن بعضهم كان يموت تحت وقع السياط ، أو أثناء هجوم الكلاب الضارية عليهم ، وهم مبتسمون ومستمرون على الذكر . ومن هنا.. بدأ الشك يتسرب إلى نفوسنا.. فلا يعقل أن يكون مثل هؤلاء المؤمنين الذاكرين من الخائنين المتعاملين مع أعداء الله . واتفقت أنا وأخي هذا سرا على أن نتجنب إيذاءهم ما وجدنا إلى ذلك سبيلا ، وأن نقدم لهم كل ما نستطيع من العون . ومن فضل الله علينا أن وجودنا في ذلك السجن لم يستمر طويلا.. وكان آخر ما كلفنا به من عمل هو حراسة الزنزانة التي أفرد فيها أحدهم ، وقد وصفوه لنا بأنه أخطرهم جميعا ، أو أنه رأسهم المفكر وقائدهم المدبر ( هو سيد رحمه الله ) . وكان قد بلغ به التعذيب إلى حد لم يعد قادرا معه على النهوض ، فكانوا يحملونه إلى المحكمة العسكرية التي تنظر في قضيته . وذات ليلة جاءت الأوامر بإعداده للمشنقة ، وأدخلوا عليه أحد الشيوخ !! ليذكره ويعظه !! وفي ساعة مبكرة من الصباح التالي أخذت أنا وأخي بذراعيه نقوده إلى السيارة المغلقة التي سبقنا إليها بعض المحكومين الآخرين.. وخلال لحظات انطلقت بنا إلى مكان الإعدام.. ومن خلفنا بعض السيارات العسكرية تحمل الجنود المدججين بالسلاح للحفاظ عليهم.. وفي لمح البصر أخذ كل جندي مكانه المرسوم محتضنا مسدسه الرشاش ، وكان المسئولون هناك قد هيئوا كل شئ.. فأقاموا من المشانق مثل عدد المحكومين.. وسيق كل منهم إلى مشنقته المحددة ، ثم لف حبلها حول عنقه ، وانتصب بجانب كل واحدة " العشماوي " الذي ينتظر الإشارة لإزاحة اللوح من تحت قدمي المحكوم.. ووقف تحت كل راية سوداء الجندي المكلف برفعها لحظة التنفيذ . كان أهيب ما هنالك تلك الكلمات التي جعل يوجهها كل من هؤلاء المهيئين للموت إلى إخوانه ، يبشره بالتلاقي في جنة الخلد ، مع محمد وأصحابه ، ويختم كل عبارة بالصيحة المؤثرة : الله أكبر ولله الحمد . وفي هذه اللحظات الرهيبة سمعنا هدير سيارة تقترب ، ثم لم تلبث أن سكت محركها ، وفتحت البوابة المحروسة ، ليندفع من خلالها ضابط من ذوي الرتب العالية ، وهو يصيح بالجلادين : مكانكم ! ثم تقدم نحو صاحبنا الذي لم نزل إلى جواره على جانبي المشنقة ، وبعد أن أمر الضابط بإزالة الرباط عن عينيه ، ورفع الحبل عن عنقه ، جعل يكلمه بصوت مرتعش : يا أخي.. يا سيد.. إني قادم إليك بهدية الحياة من الرئيس – الحليم الرحيم !!! – كلمة واحدة تذيلها بتوقيعك ، ثم تطلب ما تشاء لك ولإخوانك هؤلاء . ولم ينتظر الجواب ، وفتح الكراس الذي بيده وهو يقول : اكتب يا أخي هذه العبارة فقط : " لقد كنت مخطئا وإني أعتذر ... " . ورفع سيد عينيه الصافيتين ، وقد غمرت وجهه ابتسامة لا قدرة لنا على وصفها.. وقال للضابط في هدوء عجيب : أبدا.. لن أشتري الحياة الزائلة بكذبة لن تزول ! قال الضابط بلهجة يمازجها الحزن : ولكنه الموت يا سيد... وأجاب سيد : " يا مرحب بالموت في سبيل الله .. " ، الله أكبر !! هكذا تكون العزة الإيمانية ، ولم يبق مجال للاستمرار في الحوار ، فأشار الضابط بوجوب التنفيذ . وسرعان ما تأرجح جسد سيد رحمه الله وإخوانه في الهواء.. وعلى لسان كل منهم الكلمة التي لا نستطيع لها نسيانا ، ولم نشعر بمثل وقعها في غير ذلك الموقف ، " لا إله إلا الله ، محمد رسول الله .. " . وهكذا كان هذا المشهد سببا في هدايتنا واستقامتنا ، فنسأل الله الثبات .. القصة الثانية:توبة في مرقصقصة غريبة. . غريبة جدا.. ذكرها الشيخ على الطنطاوي في بعض كتبه قال : دخلت أحد مساجد مدينة "حلب " فوجدت شابا يصلي فقلت - سبحان الله - إن هذا الشاب من أكثر الناس فساداً ، يشرب الخمر ويفعل الزنا ويأكل الربا وهو عاق لوالديه وقد طرداه من البيت فما الذي جاء به إلى المسجد . .. فاقتربت منه وسألته : أنت فلان ؟! قال : نعم ... قلت : الحمد لله على هدايتك .. أخبرني كيف هداك الله ؟؟ قال : هدايتي كانت على يد شيخ وعظنا في مرقص ؟إ! قال : نعم ..في مرقص ... قلت مستغرباً .. في مرقص ؟! قال : نعم ... في مرقص ! قلت : كيف ذلك ؟! قال : هذه هي القصة . . . فأخذ يرويها فقال : كان في حارتنا مسجد صغير .. يؤم الناس فيه شيخ كبير السن ... وذات يوم التفت الشيخ إلى المصلين وقال لهم : أين الناس ؟! ... ما بال أكثر الناس وخاصة الشبـاب لا يقربون المسجـد ولا يعرفونه ؟ أجابـه المصلـون : إنهم فـي المراقـص والملاهي ... قال الشيخ : وما هي المراقص والملاهي؟ رد عليه أحد المصلين : المرقص صالة كبيرة فيها خشبة مرتفعة تصعد عليها الفتيات عاريات أو شبه عاريات يرقصن والناس حولهن ينظرن إليهن .. فقال الشيخ : والذين ينظرون إليهن من المسلمين ؟ قالـوا : نعم .. قال : لاحـول ولا قوة إلا بالله . . هيا بنا إلى تلك المراقص ننصح الناس .. قالوا له : ياشيخ .. أين أنت .. تعظ الناس وتنصحهم في المرقص ؟! قال : نعم .. حاولوا أن يثنوه عن عزمه وأخبروه أنهم سيواجهون بالسخـرية والاستهزاء وسينالهم الأذى .. فقال : وهل نحن خير من محمد صلى الله عليه وسلم وأمسك الشيخ بيد أحد المصلين ليدله على المرقص ... وعندما وصلوا إليه سألهم صاحب المرقص : ماذا تريدون ؟!! قال الشيخ : أن ننصح من في المرقص !! تعجب صاحب المرقص .. وأخـذ يمعن النظر فيهم ورفض السماح لهـم .. فأخذوا يساومونه ليأذن لهم حتى دفعوا له مبلغا من المال يعادل دخله اليومي فوافق صاحب المرقص .. وطلب منهم أن يحضروا في الغد عند بدء العرض اليومي ... قال الشاب : فلما كان الغد كنت موجوداً في المرقص . . بدأ المرقص من إحدى الفتيات .. ولما انتهت أسدل الستار ثم فتح .. فإذا بشيخ وقور يجلس على كرسي فبدأ بالبسملة وحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسول صلى الله عليه وسلم ثم بدأ في وعظ الناس الذين أخذتهم الدهشة وتملكهم العجب وظنوا أن ما يرونه هو فقرة فكاهية .. فلما عرفـوا أنهم أمام شيخ يعظهم أخـذوا يسخـرون منه ويرفعون أصواتهم بالضحك والاستهزاء وهـو لا يبالي بهم .. واستمر في نصحهم ووعظهم حتى قام أحد الحضور وأمرهم بالسكوت والإنصات حتى يسمعوا ما يقوله الشيخ .. قال : فبدأ السكون والهدوء يخيم على أنحاء المرقص حتى أصبحنا لا نسمع إلا صوت الشيخ ، فقال كـلاماً ما سمعناه من قبل ... تلا علينا آيات من القرآن الكريم وأحاديث نبوية وقصصاً لتوبة بعض الصالحين وكان مما قاله : أيها الناس : إنكم عشتم طويلاً وعصيتم الله كثيراً ... فأين ذهبت لذة المعصية؟ لقد ذهبت اللذة وبقيت الصحائف سوداء ستسألون عنها يوم القيامة وسيأتي يوم يهلك فيه كل شيء إلا الله سبحانه وتعالى . . أيها الناس . . هل نظرتم إلى أعمالكم إلى أين ستؤدي بكم إنكم لا تتحملون نار الدنيا وهي جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم . . بادروا بالتوبة قبل فوات الأوان . . قال : فبكوا الناس جميعاً . . وخرج الشيخ من المرقص وخرج الجميع وراءه وكانت توبتهم على يده حتى صاحب المرقص تاب وندم على ما كان منه.. القصة الثالثه:توبة شاب في بانكوكبانكوك .. بلد الضياع والفساد .. بلد العربدة والفجور بلد المخدرات والهلاك إنه رمز لذلك كله. مئات الشباب.. بل والشيوخ يذهبون إلى بانكوك يبحثون عن المتعة الحرام فيعودون وقد خسروا دينهم ودنياهم.. خسروا الراحة والحياة السعيدة.. وبعضهم يعود وقد خسر الدنيا والآخرة يعود جنازة قد فارق الحياة ويالها من خاتمة سيئة .. !! نذكر لكم قصة رجل قد بدأ الشيب يشتعل في رأسه ذهب إلى هناك تاركا زوجته وأولاده ولكنه استيقظ في النهاية يروي قصته فيقول : لم أخجل من الشيب الذي زحف إلى رأسي .. لم أرحم مستقبل ابنتي الكبرى التي تنتظر من يطرق الباب طالبا يدها للزواج.. لم أعبأ بالضحكات الطفولية لابنتي الصغرى التي كانت تضفي السعادة والبهجة على البيت .. لم التفت إلى ولدي ذي الخمسة عشر ربيعا والذي أرى فيه أيام صباي وطموحات شبابي وأحلام مستقبلي .. وفوق كل هذا وذاك لم أهتم بنظرات زوجتي .. شريكة الحياة وهي تكاد تسألني إلى أين ذلك الرحيل المفاجئ . شيء واحد كان في خاطري وأنا أجمع حقيبة الضياع لأرحل .. قفز هذا الشيء فجأة ليصبح هو الحلم والأمل .. ليصبح هو الخاطر الوحيد.. وميزان الاختيارات الأقوى . ما أقسى أن يختار المرء تحت تأثير الرغبة .. وما أفظع أن يسلك طريقا لا هدف له فيه سوى تلبية نداء الشيطان في نفسه وهكذا أنا .. كأنه لم يكفني ما تمنحه زوجتي إياي .. تلك المرأة الطيبة التي باعت زهرة عمرها لتشتري فقري.. وضحت كثيرا لتشبع غروري الكاذب .. كانت تمر عليها أيام وهي تقتصر على وجبة واحدة في اليوم لأن مرتبي المتواضع من وظيفتي البسيطة لم يكن يصمد أمام متطلبات الحياة. صبرت المسكينة .. وقاست كثيرا حتى وقفت على قدمي.. كنت أصعد على أشلاء تضحياتها.. نسيت أنها امرأة جميلة صغيرة .. يتمناها عشرات الميسورين واختارتني لتبني مني رجلا ذا دنيا واسعة في عالم الأعمال يسانده النجاح في كل خطوة من خطواته . وفي الوقت الذي قررت فيه أن ترتاح لتجني ثمرات كفاحها معي فوجئت بي أطير كأن عقلي تضخم من أموالي .. وكأنني أعيش طيش المراهقة التي لم أعشها في مرحلتها الحقيقية . بدأت يومي الأول في بانكوك .. وجه زوجتي يصفع خيالي كلما هممت بالسقوط هل هي صيحات داخلية من ضمير يرفض أن ينام .. أم هو عجز " الكهولة " الذي شل حركتي . " إنك لا تستطيع شيئا .. أعرض نفسك على الطبيب " عبارة صفعتني بها أول عثرة فنهضت وقد أعمى الشيطان البصيرة ولم يعد همي سوى رد الصفعة .. توالت السقطات وتوالى الضياع .. كنت أخرج كل يوم لأشتري الهلاك وأبيع الدين والصحة ومستقبل الأولاد وسلامة الأسرة .. ظننت أنني الرابح والحقيقة أنني الخاسر الضائع الذي فقد روحه وضميره وعاش بسلوك البهائم يغشى مواطن الزلل . أخذت أتجرع ساعات الهلاك في بانكوك كأنني أتجرع السم الزعاف .. أشرب كأس الموت .. كلما زلت القدم بعثرات الفساد .. لم تعد في زمني عظة ولم يسمع عقلي حكمة. عشت غيبوبة السوء يزينها لي مناخ يحمل كل أمراض الخطيئة .. مرت سبعة أيام أصبحت خلالها من مشاهير رواد مواطن السوء.. يشار إلي بالبنان .. فأنا رجل الأعمال " الوسيم " الذي يدفع أكثر لينال الأجمل! أحيانا كان همي الوحيد منافسة الشباب القادمين إلى بانكوك في الوجاهة.. في العربدة.. في القوة.. أعرفهم جيدا .. لا يملكون جزءا يسيرا مما أملكه لكنهم كانوا يلبسون " أشيك " مما ألبسه لذا كنت اقتنص فورا الفريسة التي تقع عليها أعينهم.. وعندها أشعر أنني انتصرت في معركة حربية وفي النهاية سقطت سقطة حولتني إلى بهيمة .. فقدت فيها إنسانيتي ولم أعد أستحق أبوتي .. فكانت الصفعة التي أعادت إلى الوعي .. قولوا عني ما تشاءون .. اصفعوني.. ابصقوا في وجهي.. ليتكم كنتم معي في تلك الساعة لتفعلوا كل هذا .. أي رعب عايشته في تلك اللحظات وأي موت تجرعته. أقسم لكم أنني وضعت الحذاء في فمي لأن هذا أقل عقاب أستحقه.. رأيت – فجأة – وجه زوجتي يقفز إلى خيالي.. كانت تبتسم ابتسامة حزينة.. وتهز رأسها أسفا على ضياعي.. رأيت وجه ابنتي الكبرى التي بلغت سن الزواج تلومني وهي تقول : ما الذي جعلك تفعل كل هذا فينا وفي نفسك ؟! ورأيت – لأول مرة – صحوة ضميري ولكنها صحوة متأخرة .. جمعت حقيبة الضياع التي رحلت بها من بلدي .. قذفتها بعيدا .. وعدت مذبوحا من الوريد إلى الوريد. ها أنذا أبدأ أولى محاولاتي للنظر في وجه زوجتي.. أدعو الله أن يتوب علي.. وأن يلهم قلبها نسيان ما فعلته في حقها وحق أولادنا. ولكن حتى الآن لم أسامح نفسي.. ليتكم تأتون إلى وتصفعوني بأحذيتكم إنني أستحق أكثر من ذلك.. القصة الرابعة:توبة رجل على يد ابنتهكان هذا الرجل يقطن مدينة الرياض ويعيش في ضياع ولا يعرف الله إلا قليلا ، منذ سنوات لم يدخل المسجد ، ولم يسجد لله سجدة واحدة .. ويشاء الله عز وجل ان تكون توبتة على يد ابنته الصغيرة .. يروي صاحبنا القصة فيقول : كنت أسهر حتى الفجر مع رفقاء السوء في لهو ولعب وضياع تاركاً زوجتي المسكينة وهي تعاني من الوحدة والضيق والألم ما الله به عليم ، لقد عجزت عني تلك الزوجة الصالحة الوفية ، فهي لم تدخر وسعاً في نصحي وإرشادي ولكن دون جدوى . وفي إحدى الليالي .. جئت من إحدى سهراتي العابثة ، وكانت الساعة تشير إلى الثالثة صباحاً ، فوجدت زوجتي وابنتي الصغيرة وهما تغطان في سبات عميق ، فاتجهت إلى الغرفة المجاورة لأكمل ما تبقى من ساعات الليل في مشاهدة بعض الأفلام الساقطة من خلال جهاز الفيديو .. تلك الساعات التي ينزل فيها ربنا عز وجل فيقول : "هل من داع فأستجيب له ؟ هل من مستغفر فأغفر له ؟ هل من سائل فاعطيه سؤاله ؟" وفجأة فتح باب الغرفة .. فإذا هي ابنتي الصغيرة التي لم تتجاوز الخامسة .. نظرت إلي نظرة تعجب واحتقار ، وبادرتني قائلة : "يا بابا عيب عليك ، اتق الله ..." قالتها ثلاث مرات ، ثم أغلقت الباب وذهبت .. أصابني ذهول شديد ، فأغلقت جهاز الفيديو وجلست حائراً وكلماتها لاتزال تتردد في مسامعي وتكاد تقتلني .. فخرجت في إثرها فوجدتها قد عادت إلى فراشها .. أصبحت كالمجنون ، لا أدري ما الذي أصابني في ذلك الوقت ، وما هي إلا لحظات حتى انطلق صوت المؤذن من المسجد القريب ليمزق سكون الليل الرهيب ، منادياً لصلاة الفجر .. توضأت .. وذهبت إلى المسجد ، ولم تكن لدي رغبة شديدة في الصلاة ، وإنما الذي كان يشغلني ويقلق بالي ، كلمات ابنتي الصغيرة .. وأقيمت الصلاة وكبر الإمام ، وقرأ ما تيسر له من القرآن ، وما أن سجد وسجدت خلفه ووضعت جبهتي على الأرض حتى انفجرت ببكاء شديد لا أعلم له سبباً ، فهذه أول سجدة أسجدها لله عز وجل منذ سبعة سنوات !! كان ذلك البكاء فاتحة خير لي ، لقد خرج مع ذلك البكاء كل ما في قلبي من كفر ونفاق وفساد ، وأحسست بأن الإيمان بدأ يسري بداخلي .. وبعد الصلاة جلست في المسجد قليلاً ثم رجعت إلى بيتي فلم أذق طعم النوم حتى ذهبت إلى العمل ، فلما دخلت على صاحبي استغرب حضوري مبكراُ فقد كنت لا أحضر إلا في ساعة متأخرة بسبب السهر طوال ساعات الليل ، ولما سالني عن السبب ، أخبرته بما حدث لي البارحة فقال : احمد الله أن سخر لك هذه البنت الصغيرة التي أيقظتك من غفلتك ، ولم تأتك منيتك وأنت على تلك الحال .. ولما حان وقت صلاة الظهر كنت مرهقاً حيث لم أنم منذ وقت طويل ، فطلبت من صاحبي أن يستلم عملي ، وعدت إلى بيتي لأنال قسطاً من الراحة ، وأنا في شوق لرؤية ابنتي الصغيرة التي كانت سببا في هدايتي ورجوعي إلى الله .. دخلت البيت ، فاستقبلتني زوجتي وهي تبكي .. فقلت لها : ما لك يا امرأة؟! فجاء جوابها كالصاعقة : لقد ماتت ابنتك ، لم أتمالك نفسي من هول الصدمة ، وانفجرت بالبكاء .. وبعد أن هدأت نفسي تذكرت أن ما حدث لي ما هو إلا ابتلاء من الله عز وجل ليختبر إيماني ، فحمدت الله عز وجل ورفعت سماعة الهاتف واتصلت بصاحبي ، وطلبت منه الحضور لمساعدتي .. حضر صاحبي وأخذ الطفلة وغسلها وكفنها ، وصلينا عليها ، ثم ذهبنا بها إلى المقبرة ، فقال لي صاحبي : لا يليق أن يدخلها في القبر غيرك . فحملتها والدموع تملأ عيني ، ووضعتها في اللحد .. أنا لا أدفن ابنتي ، وإنما دفنت النور الذي أضاء لي الطريق في هذه الحياة ، فأسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلها ستراً لي من النار ، وأن يجزي زوجتي المؤمنة الصابرة خير الجزاء . القصة الخامسة:تائب جديد يحكي قصتة مع الصور والأفلام المحرمةظهر له نور الحياة السعيدة من بعيد فتقدم إليها وثابر إليها بعد أن كان في سعادة موهومه زين لها الشيطان والنفس الأمارة بالسوء. وهذا الشاب من كثير من الشباب والفتيات من سقطوا في ذلك الوادي المظلم الذي نهايته العار والدمار والفضيحة وربما يختم له بذلك الفعل والعياذ بالله. يقول حفظه الله تعالى بدأت حياتي في الإنترنت في الدخول في المنتديات طمعا في الفائدة وحتى أقوي مداركي..وبعد ذلك بدأت أتعمق.تعلمت الدخول في المجموعات البريدية وقمت بالمشاركة في الكثير منها. وتمر الأيام شيئاً فشيئا حتى زينت لي نفسي في الدخول تلك المواقع ورؤية صور محرمة والشيطان يدعوا إلى ذلك..فعندما رأيت أول صورة أحسست بخوف شديد..ولكن مع ذلك نفسي تدعوني إلى رؤية تلك الصور. بعد ذلك وبعد تفريغ الشهوة..أحسست بندم شديد..كيف أدخل تلك الصور وكيف اتجرى على هذا العمل..فعزمت على ترك تلك الصور وتلك المواقع..ولم تمر إلا أيام حتى دخلت مرة ثانية وبعد ذلك ثالثة.. حتى صرت مدمن على تلك المواقع وكنت أجلس الساعات الطوال فأحسست أني هالك..ولكن في نفس الوقت كنت مشارك في مجموعات بريدية وأحيانا أقرا مواضيع مؤثرة عن خطر تلك المواقع وعن قصص مؤثرة ولكنها تهز القلب أيام وبعد ذلك أعود كما كنت. ومرت الأيام والأسابيع والشهور. والله كنت خائف يدركني الموت وأنا على تلك الحال..ففكرت في والدتي المسكينة عندما تراني وأنا ميت على تلك الصور أو أخي أو أخواتي..كيف سوف يكون شعورهم أمامي وأنا أشاهد تلك الصور وميت عليها.هذا الموقف كان يخيفني.. ومرت كنت أشاهد تلك الصور وفجأة دخل أخي على غفلة ومسحتها بصورة شك فيني..فقلت في نفسي هذا تنبيه من الله لكي أترك تلك الصور..وكنت أعلم يقين أن العقوبة لا بد منها سوى آجلا أو عاجلاً.. فمرت الأيام حتى دخلت موقع فاسد جداً فيه صور ومقاطع من نساء مسلمات..والله هذا الموقع كان له أثر في قلبي..كيف يتجرئ هؤلاء في نشر أخوات لنا في النت أو نشر أفلام وربما بنات مغلوب عليهن..نعم الخطأ ربما من البنت ولكن هل تصل قلوبنا نحن الشباب أن تتحجر ونفعل هذا وننشره أمام الناس. ألا نخاف أن يحدث مع أخواتنا هذا أو مع بناتنا فكما تدين تدان..على أنني متلطخ بالذنوب والمعاصي ولكن أتتني الغيرة على أخواتي فأرسلت لصاحب الموقع أن هذا لا يجوز وأنك محاسب..ونصحته ولكن لم يرد علي.. والله بكيت عندما رأيت أخواتنا هناك مسلمات وفتيات صغار السن يضحكون عليهن بأسم الحب والزواج ثم ينشرون صورهن في الإنترنت..قلوب كالحجارة أو أشد قسوة.. فبعد ذلك الموقع وذلك الموقف أحسست أنه حان الرجوع إلى الله والتوبة مما فعلته.. رجعت إلى الله وتبت إليه وهو أرحم الرحمين..وأحسست أن الباب الحقيقي للسعادة هو لزوم طاعة الله ورسوله. وأغلقت ذلك الباب باب الظلام والدمار وهذا والله ليس بقوتي ولا بحولي وإنما كله من عند الله عز وجل..فهو مقلب القلوب.. فأسأل الله أن يثبتنا على طاعته وأن يبعدنا عن الحرام..آمين وأسأل الله أن يحفظنا ويحفظ أخواتنا المسلمات في كل مكان..آمين
لسه سنجل
قبل يوم واحد
0 التعليقات:
إرسال تعليق